هذا العنوان أستعيره من اسم كتاب قرأته من قديم لشيخ العروبة أحمد زكي باشا، عليه وعلى زميله أحمد تيمور باشا رحمة الله، وإن كانت صلتي بتيمور باشا أوثق ومعرفتي إياه أعمق، ولقد عرفت من أعماله البارّة وخدماته الإسلامية الشيء الكثير.
وأنا أتحسر دائماً على أني لم أدوّن هذه الذكريات يوم كانت مشاهد تُرى لا ذكريات تُروى، وأجيء الآن لأدوّن أخبار رحلة ألمانيا بعد ستّ عشرة سنة، وقد طمس القِدَمُ بعضَ سطورها ومحا النسيان بعضها، ثم أرجع إلى نفسي فأقول: لعلّ الصورة الجديدة التي أكتبها الآن، والتي أصلح الخيالُ منها بعضَ ما انطمس وسطر بعض ما امّحى، لعلّ هذه الصورة كاللوحة الفنّية التي ترسمها ريشة الفنان. هل تعدلون بها الصورة الشمسية (الفوتوغرافية)؟ لو أن متحف اللوفر رضي أن يبيع لوحة جيوكوندا كم ترونهم يدفعون فيها؟ إن من السفهاء من يشتريها بنصف مليون دولار، ولو كان في عصر صاحبها ليورنادو دافنشي تصوير شمسي ووُجدت في ذلك العصر -قبل أربعمئة سنة- مثل آلات التصوير التي نجدها الآن وكان يتقن استعمالها لأخرج بها صورة لهذه المرأة أقرب إلى