للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة وأصدق في النقل، صورة بألوانها ذاتها وتقاطيع وجهها وسمات جلدها تُبدي كل ما يراه الرائي منها، ولكنا لا نجد بعد ذلك من يشتريها بألف واحد من الخمسمئة الألف التي شُريت بها لوحة المصوّر.

ذلك لأن الصورة الشمسية تعرض الحقيقة كما تراها كل عين، وهذه تعرض ما يراه المصوّر بعينه وحدها. وربما كان فيها شيء لا ينطبق تماماً على الواقع، ومع ذلك فإن الناس يفضّلونها، والإسلام يحرّمها لأن فيها محاولة لمضاهاة خلق الله.

فأنا أنقل إليكم الآن الصورة التي بقيَت في نفسي مما رأيت في تلك الرحلة، لا أصف وصفاً جغرافياً أحدد فيه الحدود وأقيس الطرق وأسمي الأسماء، فإنكم تجدون ذلك في الخريطة، ولكل بلد خريطة مفصَّلة ولكل بلد مجموعة صور لمشاهدها ومناظرها.

صورة مدينة آخن في نفسي أنها منازل صغيرة أنيقة جداً على شوارع نظيفة جداً، في بلدة جميلة لكنها ليست كجمال سويسرا ولا أندونيسيا ولا لبنان. ولقد أعيا الرجالَ وضعُ مقاييس يُقاس بها الجمال، لذلك يلجؤون إلى الأوصاف فيقولون: جمال وادع، وجمال أخّاذ، وجمال فاتن، وجمال مثير، وما شئت بعد من أنواع الجمال. أما آخن والبقاع من حولها فجمالها جمال حلو هادئ. هل تعجبون من هذا التعبير؟ إن الحلاوة في معاجم اللغة هي الجمال، إنهما شيء واحد، ولكنهما في لغة المشاعر والعواطف شيئان، فرُبّ جميلة ليست حلوة وحلوة لم تستوفِ أكبر حظّ من الجمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>