للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٢١٠ -

[في صحبة الحيوان]

دخلنا في ألمانيا حديقة حيوانات ليست كما عرفنا من الحدائق، لا تُحبَس فيها الأسود والسباع في الأقفاص بل تمشي حرّة طليقة، ونبقى نحن محبوسين في الأقفاص تمشي بنا أقفاصنا بين الأسود. وما الأقفاص إلاّ سيارات كبيرة لها عوارض من الحديد تجعل منظرها كالقفص. أو ندخل بسياراتنا مغلَقة نوافذُها مُرخى زجاجها.

وكنا قد ذهبنا في سيارة صغيرة قديمة أدركت عهد ما بين الحربين، فهي عجوز أكل عليها الدهر حتى شبع وشرب بعد الأكل الشاي! وإذا كانت العجوز وكان الشيخ يمشي على ثلاث (لأن العصا للشيخ رجل ثالثة) مشت هي على أربع. وكان سائقها شاباً طيّباً من أبنائنا الطلاب، يبدو أنه لم يكن يُحسِن القيادة، وكنا نمشي في طرق الحديقة، وهي متروكة كما خلقها الله لتأنس فيها الحيوانات وتعيش كما تريد، فاعترضَنا جدول صغير فما طاب للسيارة الوقوف إلاّ وسط الجدول، ويظهر أنها كانت مصابة بالرثيّة (أي الروماتيزم) فحرّك الماء البارد آلامها، فلم تعُد تستطيع المسير ولا تجد قوة على الصعود من عمق الجدول إلى ظهر الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>