كنت أعجب لشيخنا الرافعي؛ هو في دولة الأدب «لواء» أو «فريق»، وفي عالَم الوظيفة «عريف» أو «رقيب». كاتب كبير من كتّاب الطبقة الأولى و «كاتب» في محكمة طنطا. كيف تكون هذه منزلته بين الأدباء وتلك منزلته بين الموظفين؟
فكرت في هذا وأنا أسجل ذكريات سنة (١٩٣٣ - ١٩٣٤) فرأيتني مثله، مثله في وضعه وحاله لست مثله في أدبه وبيانه: كتبت في أكبر المجلاّت ساجلت العلماء والأدباء، وقرأت الكثير ولا زلت عاكفاً على القراءة، كنت أؤمّ مجالس العلم حلقات المدرّسين، من درس الشيخ بدر الدين الحسني السيد محمد ابن جعفر الكتاني، وكانا شيخَي دمشق، وسائر من عرفت من علماء دمشق ممّن سيأتي طرف من سِيَرِهم إن شاء الله، إلى مجلس الأستاذ محمد كرد علي والجندي والمبارك ومصطفى برمدا وأمثالهم، ومجلس الشيوخ: شيوخ الأدب والعلم والتجرِبة والسنّ، وأرجو أن أتكلم عنه يوماً. ما كنت أدع مجلساً فيه فائدة