هل سمعتم بشيخ يسرق؟ أنا أُخبركم:«الشيخ» علي الطنطاوي يسرق من «الشابّ» علي الطنطاوي!
وَعدت أن أُحدّثكم حديث الليلة (ليلة الخميس الرابع من صفر سنة ١٣٥٦) التي سهرَت فيها بغداد جَزِعة تترقّب الخطر، تخاف أن يُغرِقها الماء؛ ذلك أن دجلة كانت تجري في الوادي حالمة سَكرى، غارقة في بحر من الحب والشعر، هادئة لا ترى فيها إلاّ آثار هذه القُبَل المعطّرة المعسولة التي تطبعها الشمس على وجنتيها الصافيتين كل صباح ومساء، تختطفها منها في غفلة من الكون، فلا يبصرها إلاّ الشفَق الذي يُطلّ من نافذة الأفق، يرميها بنظرة الحاسد، فيحمرّ وجه دجلة من الخجل (أو ممّا ينعكس على صفحتها من لون الشفق الأحمر!)، وتُغضي من الحياء ثم تسرع في جريها.
وكانت تتلقّى بين ذراعَيها العاشقين المدلّهين من الأزواج (الأزواج الشرعيين) كلّما دجا الليل، وهم في الزوارق ذوات الأجنحة البيض التي تشبه قلوبهم في بياضها وخفقانها، فتحدب