وكنت أُصلّي الجمعة في هذا المسجد. والغريب أن الخطبة فيه (وفي أكثر مساجد بغداد) كانت ملحَّنة! وكان الخطيب الشيخ عبد القادر، ولا أعرف لقبه، رجلاً صالحاً حسن الصوت مجوّد القراءة، فلما ذهب للحجّ وكّل مكانه الحاجّ حمدي الأعظمي، وهو أعلم منه وأجلّ ولكنه لم يُؤتَ صوتاً حسناً، فخطب كما نخطب نحن في البلاد الإسلامية، فأنكر الناس ذلك وقالوا: كيف تكون خطبة الجمعة كالمحاضرات؟! يحسبون أن التنغيم والتلحين في الخطبة من شروطها.
في تلك السنة في يوم الأربعاء والخميس الثالث والرابع من صفَر سنة ١٣٥٦هـ زاد دجلة زيادة هائلة لم تكن منتظَرة، وغدت بغداد عُرضة للغرق بين كل لحظة وأخرى، واستُنفِر الناس وسيقوا جميعاً للعمل على إقامة السدود. ولم تغمض في بغداد ليلة الخميس عين، وكان شيء عظيم سيأتي حديثه في الحلقة المقبلة إن شاء الله.