أمسِ الذي مرَّ، على قُربِهِ ... يَعجِزُ أهلُ الأرضِ عن ردِّهِ
فكيف أردّ أيامي في محكمة دمشق لأكمل -كما وعدتكم- حديثي عنها؟ كيف وقد مرّ عليها أكثر من أربعين سنة، وما كان فيها من أحداث مضى ولن يعود، ومن كان فيها من ناس ذهب أكثرهم ولا يرجعون، بل إن صورها مُحيَت من الذاكرة إلاّ أقلّها؟
لبثتُ في محكمة دمشق عشر سنين، من يوم جئتها منتدَباً إليها وأنا قاضٍ في دوما في سنة ١٩٤٣ إلى أن فارقتها صاعداً منها إلى محكمة النقض سنة ١٩٥٣. وما كانت هذه الأيام خالصة لها وحدها، بل كنت أعمل معها أعمالاً سيعجب مني الآن من سيقرأ الذي سأكتبه (صادقاً) عنها ويقول: كيف كان يتسع وقتي لها وتقوى طاقتي عليها؟