بعد سنتين أكون قد أكملت ستين سنة وأنا في الميدان أجاري الفرسان وأقارع الأقران وما ألقيت سلاحي، وما سلاحي إلاّ قلمي ولساني، ولا نزعت لأمتي. بدأتُ من أول يوم أصدرت فيه «رسائل الإصلاح» سنة ١٣٤٨هـ بخوض المعارك الأدبية، ثم استمررت عليها. ما خضت غمارها ولا صَلِيت نارها غراماً بها واطمئناناً إليها، ولكن أُكرِهت عليها. كنت كما كان فارس النعامة حين قال في حرب البسوس:"لم أكن من جُناتها علم الله".
وكان قليل من هذه المعارك لحظّ نفسي ودوافع حب وبغض مني، وأكثرها كان دفاعاً عن الحقّ وذبّاً عن الدين، أرجو أن يُكتب لي ثوابه. وقد جمعت ما قدرت عليه منها (وقد تفرّق وضاع أكثرها) فكان من ذلك كتابٌ أصوله تحت يدي، ربما بلغ أربعمئة صفحة، ولكني لا أنوي نشره.
كان عصرنا عصر معارك أدبية. وقد كنت في ميعة الشباب لمّا كانت معركة طه حسين مع جمهرة كتّاب العرب الكبار من