للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١٦٤ -

عودة إلى رحلة الشرق

في الطريق إلى أندونيسيا

لي في جدّة ستة منازل مفتَّحةٌ لي أبوابها، يرحّب بي ويُسَرّ إن جئتها أصحابُها: بيوت ثلاث من بناتي وثلاث من حفيداتي وأزواجهن أبنائي وأحبّائي، وتمرّ -مع هذا كله- الشهور وأنا أستثقل أن أذهب من مكّة إلى جدّة وأراها سفرة أحمل هَمّها. والذي بين مكّة وجدّة لا يزيد إلاّ قليلاً عمّا بين طرفَيها أو طرفَي الرّياض، إن كان بيتك في مشرقها وذهبت تزور قريباً لك في مغربها ورجعت إلى حيث بدأت.

هذه هي حالي الآن، فكيف ذهبت يوماً إلى آخر أندونيسيا؟ إلى حيث لم يبقَ بيني وبين سيدني في أستراليا إلا مرحلة واحدة من مراحل سفر الطيارة؟ ثم ذهبت بعدها إلى شمالي أوربا الوسطى، إلى فولندام في هولندا؟ كيف تبدّلَت بي الحال حتى انتهيت إلى هذا المآل؟ إنه الشباب الذي فقدته، الشباب الذي يبكيه الشعراء ولا ينفعهم في ردّه البكاء. وما لذّة العيش إلاّ في الشباب، فهل عرفتم قدره يا من يضيّعه في عبث لا يفيد وفي لهو لا ينفع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>