للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٢٢٢ -

[أبو الحسن الندوي (٣)]

أمّا دمشق فلأنها التي أبصرتُ الدنيا أول مرة من خلالها وأول أرض مسّ جسمي ترابها.

نقّلْ فؤادَكَ حيثُ شئتَ مِنَ الهوى

ما الحبُّ إلاّ للحبيبِ الأوّلِ

ولولا ما ركّب الله في النفوس من حبّ الأوطان لهُجر كثير من البلدان، واجتمع الناس كلهم حيث الحياض والرياض وأماكن الجمال أو الكسب والربح وجمع المال، ولَما رأيت شامياً يهاجر إلى نيويورك فيبقى فيها عشرين سنة لا يرى نفسه فيها إلاّ غريباً مسافراً نازلاً في فندق كبير، يحنّ أبداً إلى قريته قد اجتمعَت أمانيه في العودة إليها، وما قريته إلاّ عشرون بيتاً من الحجر حول نبع في رأس جبل دون بلوغها تسلُّق الصخر وسلوك الوعر، ما فيها سوق عامرة ولا عمارة عالية ولا تسليه عنها أسواق نيويورك ولا عماراتها، وإذا عاد إليها ألقى عصاه واستقرّ به نواه.

لذلك قرن الله في القرآن القتل بالإخراج من الديار. وإذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>