الأولى: أنني لا أحبّ فيما أنشر وما أذيع أن أصل حلقة بحلقة، فلا يفهمها إلاّ من عرف سِباقها (أي ما كان قبلها) وعرف سِياقها، ولكنني قد أُضطرّ أحياناً كما اضطُررت الآن، فأرجو عفو القُرّاء عما دعاني إليه الاضطرار.
والمقدّمة الثانية: أنه سألني كثيرون: كيف وصل بك الكلام إلى عهد الوحدة والانفصال وقد تركناك في عشر الأربعين، أي في الأربعينيات؟ والجواب أنني صنعت مثلما صنع المسلمون في فتوح إفريقية، إذ وصل عقبة بن نافع إلى بحر الظلمات (البحر الأطلنطي أو الأطلسي) وقال كلمته الباقية العظيمة: "اللهمّ لولا هذا البحر لمضيت مجاهداً في سبيلك حتى أفتح الدنيا لنور الإسلام أو أهلك دونه". بلغ البحر، ثم عاد الجيش الإسلامي يسدّ ما ترك من فجوات ويُكمِل ما أجّل من فتوح حتى شمل الفتح الشمال الإفريقي كلّه.