تركتكم عند «قبّة العسالي» ظاهر دمشق. وأمامها قرية «القدم» التي زعم أهلها أن على صخرة فيها أثر قدم الرسول صلى الله عليه وسلم لمّا زارها، مع أنه لم يزُرها ولم يتجاوز في سفره إلى الشام مدينة بُصرى، وما زعموه ما له أصل.
وسرنا إلى دَرْعا (أَذْرِعات) على الطريق المعروف، وكنّا سكوتاً لا نتحدث لأن كل واحد منّا كان في حديث مع نفسه، مع حياته التي خلّفها وراءه وفيها كل عزيز عليه حبيب إليه، ومع المجهول المَخوف الذي يُقدِم عليه: وهو اقتحام الصحراء التي لا يعرف عنها شيئاً، ولا يدري إذا ما دخلها أيخرج منها أم يكون آخر العهد به فيها؟ كنّا نشعر بمثل ما يشعر به «المكتشفون» الذين مشوا يرون منابع النيل في أدغال إفريقيا أو مكان القطب وراء ثلوج ألاسكا.
وبلغنا درعا. ودرعا اليوم مدينة، لكنها كانت -من قبل- قرية