وقفت بكم أمام منعطفَين، واحد منهما في طريق حياتي أنا وواحد في طريق تاريخ بلدي، بل والبلدان التي تجاوره وتجمعها به جوامع العقيدة والمصلحة واللسان، وهو منعطف معركة ميسلون.
لا أكتب عنها بقلم المؤرخ الذي يجمع الروايات، ويصفّيها ويصنّفها ثم يؤلف بينها ويستخرج العبرة منها، فقد كتب عنها كثير، ولعلّ أحسن ما كُتب فيها كتاب الأستاذ ساطع الحصري.
وهذا الرجل سابق من السابقين من الموجّهين والمربّين من العرب، وإن عاش حياته الطويلة جداً ومات وهو لا يحسن العربية لا نطقاً ولا كتابة. مفكّر ممتاز، كان شيخ المشتغلين بالتربية من عام ١٩٠٨ في تركيا، ثم في الشام على العهد الذي أتحدّث الآن حديث ذكرياته، ثم في العراق. وقد تسلّم «المعارف» من بابها إلى محرابها وأصدر يومئذٍ مجلة كانت أولى مجلاتها، ثم أشرف على «المعارف» في سوريا بعد الاستقلال، وهو نسيب الزعيم سعد الله الجابري، ثم عمل في مصر في جامعة الدول العربية.