الأمور تعرف بأضدادها؛ فلا يقدر الصحّةَ قدرها إلاّ من ذاق المرض، ولا الغِنى إلا من عرف الفقر، ولا الراحة إلا من حمل التعب. لذلك تجهل نساؤنا اليوم النعمة التي يرتعن فيها! العيش اليوم سهل وأعمال الدار يسيرة. لا أعني أنها خالية من المتاعب، فمن طبيعة الدنيا اقترانها بالمتاعب والسعادةُ الكاملة لا تكون إلا في الجنّة، ولكن أعني سهولة حياة المرأة اليوم بالنسبة لما كانت عليه بالأمس.
لا أعرض اللوحة كلها بل خطوطاً منها تدلّ عليها، ولعلّي أفصّل القول فيها يوماً.
المرأة اليوم تجد كل ما تطلبه -متى أرادته- حاضراً، الخضر والفواكه موجودة على مدى العام، وكنا إذا حل الشتاء فقدناها، لذلك كان من عمل المرأة أن تجفّف في الصيف ما تطبخه في الشتاء: الباذنجان والبامياء وأخواتهما جميعاً، ولا تصل إلى مرحلة التجفيف حتى تمر قبلها بمرحلة التنظيف، ثم التصنيف، تأتي بأعواد الملوخيا مثلاً فتقطف منها أوراقها وتغسلها وتجففها.