أرأيت الماء الذي ينزل من الأنبوب قطرة قطرة؟ يملأ كأسك في ساعة. أما إن كان يخرج منه بقوة واندفاع فإن الكأس لا تمتلئ أبداً، لأن الماء ينبو عنها ويتطاير منها فلا يستقرّ منه شيء فيها.
هذا مثالي لمّا قعدت أكتب عن المدرسة التجارية وحين أقعد الآن لأكتب عن مكتب عنبر. كانت ذكرياتي هناك قليلة فلم أجد منها ما يصلح لمقال، وهي اليوم كثيرة جداً لا أدري ما الذي أدعه منها وما الذي أختاره لهذا المقال.
مكتب عنبر في دار شامية جميلة، في مدخلها رحبة فسيحة فيها شجرات كبار، حولها رواق تحته مقاعد، وكنا نلعب في وسط الرحبة أو نستريح على المقاعد من حولها. فإذا جُزْتها رأيت الدار في صدرها الإيوان قد ازّيَّنَت جدرانها بعبقري النقوش والألوان، قد قام من حول بركتها «الشمشير» وعرّشت على جدرانها دوالي العنب تبلغ السطح، والياسمين والملّيسا وأبهى وأعطر ما خلق الله من النبات، فتحسّ حين تدخلها أنها تضحك لك.
لقد درت غرفها كلها وأبهاءها، لأن كل غرفة منها لطلاب