للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٢١١ -

كتاب جديد

أثار في نفسي ذكريات قديمة

كنت أسكن في دمشق بحيّ المهاجرين، وهو قائم على جبل قاسيون شوارعُه تعترض الجبلَ صاعدةً فيه، والبيوتُ مصفوفة فيها صفَّ الكراسي في مُدرَّج المسرح. وكانت لدارنا حديقة واسعة تلعب فيها الصغيرات من بناتي، فإذا كان الليل وأظلم الكون خافت إحداهنّ من الخروج إليها. فأخذتها مرة وأخذت معي كشّافاً كهربائياً صغيراً، واخترقت بها حُجُبَ الظلام وهي متهيّبة خائفة تتمسّك بي، حتى إذا توسطتُ الحديقة أضأت الكشّاف وقلت لها: انظري، ما الذي تخشينه؟ هذه هي الشجرة التي كنتِ ترينها في النهار وتلعبين من حولها، وهذه هي البِركة الصغيرة، وهذا حوض الورد، ما تبدّل في الحديقة شيء.

فلما رأت كل ما فيها على حاله لم تعُد تخشاها أو تجزع من الخروج إليها.

وكثيرٌ مما نخافه في هذه الحياة وكثير من الموضوعات التي تتحاماها الأقلام وتبتعد عنها الصحف مثلُ هذه الحديقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>