غداً هو يوم الجمعة الثالث والعشرون من جمادى الأولى. إنه عندكم يوم كالأيام تشرق شمسه ثم تغرب وتتعاقب ساعاته ثم تنقضي، قد ترون فيه ما يسرّ أو ما يسوء، ثم لا يدوم سرور ولا يبقى ألم. أمّا أنا فإنني أرى في هذا اليوم ما لا أراه في غيره، ففي مثله حدث أمر لم يهتمّ به أحد ولم يكن له في حياة أحد أثر، ولكنه كان بداية حياتي أنا؛ ففي يوم مثله، يوم الجمعة ٢٣ جمادى الأولى سنة ١٣٢٧هـ ولدَتني أمي. كلّما مرّ هذا اليوم قال لي بعده أهلي وقال الفتيان والفتيات من ذُرّيتي: هلاّ ذكّرتَنا به لنحتفي معك، أو لنحتفل فيه بك؟ أوَلم أخبرهم به عشرين مرّة وهم ينسونه؟ أما قلت لهم: إن الدولة العثمانية نقشَته على الليرة الذهبية الرشادية (١٣٢٧)؟ ذلك هو تاريخ بيعة السلطان محمد رشاد وهو تاريخ مولدي.
خبّروني: ما الذي تصنعون إن ذكّرتكم به؟ تعملون لي قرصاً ضخماً من الفرانيّ (أي الكاتو) وتجمعون عليه الأهل والأقارب وتغرسون فيه الشموع ثم تقولون لي: أطفئها. أنفخ عليها فأطفئها،