للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف أطفئ بنفخة واحدة سبعاً وسبعين شمعة؟ ولماذا أتعجّل إطفاءها وسيطفئها مَن وكله الله بها حين يجيء الأجل، فأموت كما مات آلاف وآلاف وملايين وملايين من قبل:

ماتوا فما ماتتِ الدّنيا لموتِهمُ ... ولا تعطّلَتِ الأعيادُ والجُمَعُ

ماتوا ولبث الناس أحياء يصبحون ويُمسون. يألمون لموتي أياماً وشهوراً ثم ينسون، إن لم ينسوا في شهر نسوا في سنة:

إلى الحَولِ ثم اسمُ السلامِ عليكما

ومَن يَبْكِ حَولاً كاملاً فقدِ اعتذَرْ

أما نسيت أنا موت أبي ونسيت موت أمي، وكدت (ولن أنسى) قتل بنتي؟

* * *

لقد وقفت هذا الموقف مرّات لست أذكرها لأحصيها، وكتبت مقالات حفظت الأقلّ ممّا نُشرَ منها وطويت باقيها فأضعتها (١).

فماذا ربحت ممّا نشرت وماذا خسرت بما فقدت؟ كنت في كلّ سنة أصبّ على الورق من عواطفي التي اعتصرَتها الأيام، أصبّ منها هذا الرحيق فأكتب به مقالات أُودِعها الصحف، وأودع فيها آمالي التي تفيض بها نفسي وآمل أن أحقّقها. كنت


(١) انظر هذه المقالات في كتاب «من حديث النفس»: «على أبواب الثلاثين» و «على عتبة الأربعين» و «بعد الخمسين» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>