أنا رسمياً مريض في إجازة، ولكني في الحقيقة صحيح ما بي من مرض إلاّ هذا المرض السياسي الذي فُرض عليّ، ولطالما أمرضَت السياسةُ ناساً كثيراً، ولكن ما شفت أبداً مريضاً.
ثابرت على ما كنت فيه من الكتابة في الصحف اليومية، والمشاركة في أحداث البلد، والخطابة في المجامع وفي المساجد، والكتابة في مجلّة الرسالة. وقد توطّد مكاني فيها وصرت في الطبقة الثانية من كُتّابها، بعد الزيات والعقّاد والرافعي وطه حسين والمازني، وربما قُدِّمَت مقالتي على مقالة زكي مبارك، وهو أَكْتَبُ مني وأحلى أسلوباً.
لمّا رأيت ذلك انتسبت إلى نقابة المحامين، أي أنني صرت محامياً. ومهنة المحاماة ليست سائبة، ولا هي عمارة بلا بوّاب يدخل إليها من شاء، ولكنها مهنة لها شروط، فلا يكون محامياً إلاّ من حمل إجازة الحقوق وتدرّب مُدّة سنتين في مكتب محامٍ من الأساتذة. وكنت قد نلت الشهادة منذ ثماني سنوات، فاضطُررْت