أبقى هذه الحلقة مع رفاقنا الشعراء، جمعني بهم أحد إخواننا من أساتذة الجامعة هنا، لقيني فحدّثني عن هذه الذكريات حديث الصديق الذي يراها بعين الرضا، فأثنى ثم قال لي مازحاً (ويقول أهلنا في الشام: «في المزاح تشتفي الأرواح»، أي أن الذي لا تجرؤ على قوله جاداً تقوله مازحاً)، قال: ولكنك تبالغ أحياناً. قلت: فيمَ بالغت؟ قال: بقولك عن صديقك أنور العطار -رحمه الله- إن قصيدته التي قالها وهو طالب في الثانوية لو قال مثلَها شاعرٌ كبير معروف لكانت من جيد شعره. ألا ترى في ذلك مبالغة؟
قلت: إني أحفظ أكثر هذه القصيدة، لأن ما حفظته في الصبا وفي الشباب بقي محفوراً في ذاكرتي، وأنا أعي الآن في ذهني أكثر من أربعة آلاف بيت من الشعر حفظتها تلك الأيام. وهذه القصيدة منشورة في الجزء السادس من «الحديقة» لخالي مُحِبّ الدين الخطيب، المطبوع سنة ١٣٤٦هـ لمّا كان عمر أنور وعمري تسع عشرة سنة، وقد نظمها وألقاها قبل ذلك. فهل تحب أن