لا أزال في حديث الانتخابات. وحديثها طويل، كثير الفصول مديد الذيول، والناس يرون في الانتخابات أسّ الديموقراطية وبابها الذي يُبلِغك محرابها. قلت «الديموقراطية» وفي عربيتنا ما يُغني عنها ويسدّ مسدّها، لكن الناس ألفوا ترديد كلمات غريبة عنا تقليداً لغيرنا، ممّن نحسبهم أرقى منا ونحسب أنهم أهل الحضارة من دوننا، لذلك نتخذهم أئمة ونقف من ورائهم «مقتدين» بهم. وأنا لا أرتضي هذا التقليد لكن أقول الكلمة التي يفهمها الناس.
وما الديموقراطية؟
إنها كلمة واحدة من كلمتين إغريقيتين: ديموس (Demos) ومعناها الشعب، وكراتوس (Kratos) بمعنى السلطة. ونحن نقرّ سلطة الشعب ونعرف له حقّه باختيار رئيسه، وهذا هو أسلوب «البيعة»، ولكنا لا نرى له ولا لرئيسه السلطة المطلقة، لأن لنا -معشر المسلمين- قانوناً أساسياً، دستوراً إلهياً ليس لأحد من البشر مخالفته أو تبديل أحكامه الثابتة. والأحكام في هذا الدستور