للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربان: ضرب لا يُتصوَّر تبدّله بتبدّل الأزمنة والأمكنة، كالعدل في القضاء والشورى في الإدارة، وقسم لا يُنكَر تبدّله بتبدّلها، وهو الطريق إلى إقرار العدل وتحقيق الشورى. فتشكيل المحاكم ودرجاتها، والمرافعات وأصولها، وأسلوب الشورى وطريقتها، وكل ما فيه المصلحة للناس والرفعة للوطن ولم يَرِدْ في تحريمه نص، فلنُوّاب الشعب أن يأمروا به ويُقِرّوه وأن ينهَوا عن ضدّه ويمنعوه.

بقي أن نسأل: كيف نختار من ينوب عن الشعب وينطق باسمه؟ من يبحث عن مصلحته ويبيّن أين توجد هذه المصلحة؟ إنهم «أهل الحلّ والعقد». وليس لهم عندنا نظام محدّد، ولكن كل واحد منا يستطيع أن يكتب قائمة بأسمائهم. ألا تستطيع أن تسمّي ثلاثين من أهل بلدك ممّن يعرف الناس أقدارهم ويتّفقون على الثقة بهم والاطمئنان إليهم، وإن قالوا استمعوا لقولهم، وإن رأوا رأياً رجعوا إلى رأيهم، أو علّقوا عليه وعدّلوا فيه ولكن لم يهملوه ولم يطّرحوه؟ من علماء الدين، ومن المربّين والمعلّمين والوجهاء والمقدَّمين، وكلّ من كان من أهل الصلاح والخير: من التجار ورجال الأعمال، ومن الأطباء والمحامين، والمتقاعدين المجرّبين من القضاة والموظفين، وأمثال هؤلاء ممّن عُرف بالاستقامة والأمانة وصحّة العقل والحرص على مصلحة البلد وعلى رضا الله. هؤلاء هم «أهل الحلّ والعقد» الذين يختارون الحاكم، خليفةً سمّيناه أم أمير المؤمنين، فليس المدار على الاسم ولكن على المسمّى.

هذه هي «الديموقراطية» المبصرة. أما «الانتخابات» بصورتها

<<  <  ج: ص:  >  >>