تلقّيت أمس بالبريد رسالة من صديق قديم، كتبها على ظهر بطاقة بريدية فيها صورة مدرسة أثرية في دمشق من أجمل الآثار المملوكية، هي المدرسة الجَقْمقيّة التي بناها سنجر الهلالي ثم جدّدها الملك الناصر سنة ٧٦١هـ، ثم احترقَت فأعاد بناءها الأمير سيف الدين جقمق فنُسبت إليه.
وهي واحدة من مئات ومئات من المدارس بناها الملوك والأمراء في مصر والشام والعراق وكثير من البلاد، مضوا وخلّفوها وراءهم كأنها قصيدة رثاء صادق لهم. وإذا خلّد غيرُ المسلمين عظماءهم بتماثيل ينحتونها على صورهم لا تنفع أحداً، فإن أمراء المسلمين يخلّدون ذكراهم بمدارس فيها العلم النافع ومعاهد ومباني فيها النفع الدائم.
وإن كان أكثرُ هذه المدارس قد عدا عليه العادون فجعلوها مساكن لهم يملكونها بالأسناد الرسمية، ولا يزال على أبوابها نقش ثابت على الرخام باقٍ من تلك الأيام باسم باني المدرسة وبيان ما وقف عليها من دور ومزارع! فأكلوا أوقافها ونسوا أسماء بُناتها.