للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٢٠٩ -

[الخط الحديدي الحجازي]

إن قصة الخط الحديدي الحجازي مأساة دونها المآسي الأدبية.

تصوّروا زوجين كل أمانيهما ولد يسعى بين أيديهما، يملأ الدار -كما يُقال- فرحةً عليهما يصل ما قد يتباعد من قلبيهما، فتأخّر وصول الولد، فراجعا كل طبيب وسألا كل دجّال، وجرّبا كل دواء في الصيدلية وكل عشب عند العطّار وكل ما يصفه الصديق والقريب والجار، حتى إذا تحقّق الحلم ووُلد الولد، بعدما ذاقا المرّ وكاد يفرغ منهما الصبر، وكبر الولد وبلغ معهما السعي، وحسبا أن قد تمّت به الفرحة، مات! ما مات على فراشه ولكنه قُتل، وما قتله عدوّ غادر ولا عتيّ فاجر، ولكن خدَعهما شيطانٌ ماكر اسمه لورنس وأسكرهما بمادّة مسمومة سُمّها لا ينفع معه ترياق، يُقال له «القومية» (أعني المخالِفة منها للإسلام).

امتدّ انتظاره دهراً والحمل به عمراً، حملَته أمه ثماني سنين، من سنة ١٩٠١ إلى سنة ١٩٠٨، وعاش بعدما وُلد عشر سنين من سنة ١٩٠٨ إلى سنة ١٩١٨، ثم أصابته علّة مزمنة، فلا هو حيّ فيُرجى ولا ميت فيُنسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>