أشكر أخي الأستاذ الأكرم، فلقد كتب عن يوم الجلاء فذكّرني. وما كنت ناسياً، فما أنا بالذي ينسى يومَ الجلاء ولا يومُ الجلاء بالذي ينساه مثلي. والأستاذ أكرم شاميّ من نابلس، ولئن كانت زحلة -كما دعاها شوقي- جارة الوادي فنابلس جارة الجبل، جبل النار الذي طالما كتبت عنه لمّا كان مثابة الأبطال ومثوى الرجال (١).
ما نسيت، ولكن الليالي السود العوابس التي عشناها قبله وبعده حجبَت عنا هذا الفجر الباسم، الذي برق لنا ثم غاب عنا، فبكينا بعده على عهد كنا نبكي فيه على ما كان قبله.
قلّ مَن فرح بالجلاء مثل فرحي، لأنه قلّ مِن أرباب الأقلام في الشام مَن كتب عن الفرنسيين وعهدهم مثل كتابتي. وقد مرّ في هذه الذكريات شيء منها، وفي كتابي «دمشق» مقالات أخرى
(١) انظر قصة «جبل النار» في كتاب «قصص من الحياة». أما الأستاذ أكرم فهو أكرم زعيتر، وكانت له في «الشرق الأوسط» مقالة أسبوعية يوم كانت هذه الذكريات تُنشر فيها (مجاهد).