عنها. أما مقالتي عن يوم الجلاء فهي في العدد ٦٧٠ من «الرسالة» الذي صدر يوم ٦ أيار (مايو) سنة ١٩٤٦، رجعني إليه معالي الشيخ إبراهيم العنقري الذي تفضّل عليّ فأهدى إليّ مجموعة الرسالة كاملة، فله الشكر كاملاً.
ولا بأس عليّ أن أُعيد نشرها بعد إحدى وأربعين سنة لقرّاءٍ تسعون في كل مئة منهم ما عرفوها ولا قرؤوها، فهي عندهم جديدة.
ولكن الذين نظموا موكب الاحتفال ما تركوه خالصاً للوطن، بل أدخلوا فيه غرائزهم وشهوات نفوسهم، فظهرت الثمرة المسمومة للغرسة التي غرسها الفرنسيون في بلادنا. احتفلنا بجلاء جيوشهم عنا واستبقينا بعض رذائلهم فينا، وماذا يعوّضنا عن أعراضنا وشرف بناتنا إن نحن أضعناها وفرّطنا فيها؟ تلك هي المناظر التي أشار إليها الأستاذ أكرم ومرّ بها مرور الكرام فلم يعلن إنكارها، وأنا واثق أنه ينكرها وأنه يأباها لبناته ولنساء أسرته، وهُنّ أهل الصيانة والعفاف. أفيمكن أن يرضاها لبنات المسلمين ونسائهم؟
وأنا لا أُنكِرها الآن بعد إحدى وأربعين سنة، بل أنكرتها في حينها ونشرت ذلك في أكبر مجلة عربية هي «الرسالة»، بعد أن نشرت في تمجيد يوم الجلاء مقالتي التي ستجدون فقرات منها بعد هذا الكلام. الجلاء نعمة من الله. والمسلم إن أنعم الله عليه شَكَرَ النعمة بطاعة المُنعِم، ونحن شكرناها يومئذ بمعصيته، فخالفنا بهذا الذي صنعناه أحكامَ ديننا وخلائق عروبتنا.