للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مما قلت يومئذ في مقالتي التي أعقبَت الجلاء (١): شهدت بناتٍ في السادسة عشرة وما فوقها يمشين في العرض بادية أفخاذهن تكاد تأكلهن النظرات الفاسقة، وشهدت بنتاً جميلة زُيّنت بأبهى الحلل وأُلبست لباس عروس وركبت السيارة وسط الشباب، قالوا إنها «رمز الوحدة العربية»! ولم يدرِ الذين رمزوا هذا الرمز أن العروبة إنما هي في تقديس الأعراض لا في امتهانها. ومشى الموكب أمام الناس وفيهم والد هذه البنت لا يستحيي ولا يخجل. وبنت أخرى قالوا إنها «رمز سوريا الأسيرة قد فُكّت قيودها»، والشباب يُحيطون بها وهي تُبدي ما أمر الله بستره من أعضائها ... وأمثال هذا الهذيان الذي لا معنى له إلاّ استغلال اليوم الوطني في هدم أركان الفضيلة وتمزيق حجابها، وأُخذت صور هذا كله فنُشرت في الجرائد وعُرضت في السينمات!

* * *

وهذه مقالة يوم الجلاء (٢). كتبت بين يديها قوله تعالى: {ما ظَنَنتُمْ أنْ يَخرُجُوا، وظنّوا أنّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهم مِنَ اللهِ، فأتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيثُ لم يَحْتَسبوا وقذَفَ في قُلوبِهِمُ الرُّعبَ، يُخرِبون بُيوتَهم بأيديهِمْ وأيدي المؤمنينَ، فاعْتَبروا ياأولي الأبْصارِ}.


(١) المقالة اسمها «إبراهيم هَنانو قال لي»، وهي في كتاب «مع الناس». وقد سبق الحديث عن يوم الجلاء وما كان فيه من عدوان على الأخلاق وعُرضت مقتطفات من هذه المقالة في الحلقة ١٤٨ من هذه الذكريات وعنوانها: «دفاع عن الفضيلة» (مجاهد).
(٢) وهي في كتاب «دمشق»، وقد نُشرت فيه باسم «الجلاء عن دمشق» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>