للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-٤٦ -

أمّي وأبي

يقول لي ناس: لماذا تُكثِر الحديث عن نفسك؟ أتحدّث عن نفسي لأني أديب، وهذا أسلوب من أساليب الأدباء ومذهب من مذاهبهم. ولقد قلت في مقالة لي منشورة في الرسالة سنة ١٩٣٧: "إني حين أتحدث عن نفسي أتحدث عن كل نفس، وحين أصف شعوري وعواطفي أصف عواطف كل من كان في مثل حالي وشعوره، كأستاذ التشريح لا يشقّ صدر كل حيوان من حيوانات المختبَر بل يشقّ الصدر والصدرَين ليري الطلاّب مكان القلب وحركته ويشرح لهم عمله، لأن القلوب التي لم يروها لا تختلف عن القلب الذي شقّ عنه فرأوه. وهذا من عجائب قدرة الله ونظامه العجيب في خلقه، إذ جعل الناس مختلفين وهم متشابهون ومتشابهين وهم مختلفون. بَرَأهم على الوحدة في الوضع والتنوّع في الجمال، كلّ عين ككلّ عين في تركيبها وصفتها، وما عين مثل عين في شكلها ومعناها وجمالها" (١).


(١) من مقالة «أنا والنجوم»، وهي في أول كتاب «من حديث النفس» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>