المسافر يقف أحياناً (ولو كان مستعجلاً) ليسمع خبراً أو يقضي وطَراً، وأنا أقف اليوم لأردّ على رسالتين وردتا عليّ ليس لهما عنوان في الرأس ولا اسم في الذيل، وهما إن لم تكونا من صُلب «الذكريات» فليستا بعيدتين عن موضوعها.
أما الرسالة الأولى فإنها طريفة حقاً وظريفة أيضاً، لو صرّح مُرسِلها باسمه لأثنيت على براعة أسلوبه، فهو أسلوب أديب، وما أدري كيف يتنازل عن حقه عليّ في الثناء عليه! أمّا موضوعها فخليط غريب من إعجاب وغزل ... نعم، غزل! ومن لوم وإنكار. خلاصة ذلك كله أنه رأى صورتي المنشورة في العدد الأربعين من مجلة «المسلمون» فأُعجِبَ بأناقتي وفُتِنَ بجمالي. وما كنت أحسب يوماً أني سأكون فتنة، أعوذ بالله من أن أفتن أو أُفتَن! ويلومني على أني ظهرت بذلك المظهر فلبست لباس الكفار وتشبّهت بهم، ويُنكِر ذلك عليّ ويبالغ في الإنكار.
أما إنكاره لبسي لباس الكفار فلا أسلّمه له ولا أوافقه عليه. ولقد كانت تَرِد على أسواق المدينة ثياب متعددة الأقمشة