الناس يبدؤون باللين وأنا بدأت الكتابة بالعنف، وهم يكتبون للفنّ والأدب وأنا بدأت للنقد والإصلاح؛ بدأت برسائل الإصلاح فهِجْت على نفسي حرباً لا طاقة لي بها، حرباً ما لي فيها نفع ولا لي في غنائمها أمل، ما غنمت منها إلاّ أنه كان لي راتب من الأوقاف فقطعته بيدي. لقد كان قليلاً ولكنّ أصغرَ رقم أكبرُ من الصفر، وأسوأ المساكن -كما قال كافور (بطل الوحدة الإيطالية) - أفضل من فقد المسكن. لقد أثَرْتُ الناسَ عليّ: الشبان الذين كانوا يكرهون كل دعوة إلى الدين ويستعملون ما تلقّوه عن الأوربيين في إضعافه أثارهم أنهم رأوني أحاربهم بسلاحهم، وقد كرّه إليهم الدينَ صنفان من الناس: دعاة جهلوا أسلوب دعوة الشباب فأبعدوهم عنه بلا قصد، وناس من شياطين الإنس قصدوا إبعادهم عنه قصداً، كبعض المدرّسين وبعض الأدباء أو الصحفيين.
وأثرت بعض المشايخ لمّا نقدت طريقتهم في الدعوة إليه وفي تلقين المتعلمين أحكام شريعته، وكانت (في الحقّ) أسوأ الطرق في التدريس في كتب أُلِّفت على أسوأ الأساليب