أعود إليكم بعدما انقطعت عنكم، فمَن سرّته عودتي فأنا أحمد الله إليه على أن أعادني، ومَن ظن أنه استراح مني وسرّه فراقي فأسألُ الله أن يصبّره عليّ وعلى مصائب الدهر، فما يخلو الدهر من مصائب. ولو كانت هذه الدنيا مسرات كلها كانت جنة.
أما الذي شغلني فأحاديث رمضان في الرائي (التلفزيون). وأنا أجزع من قدوم رمضان في كل سنة، لا خوفاً من صيامه ولا هرباً من قيامه ولا إشفاقاً من شدة حرّه وطول أيامه، فكل ذلك محتمَل إن وطّنتُ النفس على احتماله، تراه في أوله شهراً طويلاً وتنظر إليه الآن بعدما انقضى فتبصره ساعة واحدة. وكذلك الحياة كلها، فإذا كان يوم البعث وسُئل الناس: كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم.
لكن جزعي وإشفاقي من أحاديث رمضان؛ فالكاتب حين يهمّ بإنشاء فصل يوجّه همَّه كله إليه ويضع فكره كله فيه، فإن كلّفتَه بكتابة فصلين معاً انشعب ذهنه وتَقسّم بينهما فكره، فلم يستقرّ على واحد منهما. وأنا أُكلَّف كل سنة بإعداد ثلاثين حديثاً