حياتي كحياة كل إنسان: طريق طويل فيه مراحل، مرحلة تمشي فيها في سهل منبسط كل ما فيه مكشوف ظاهر، ليس فيه مجهول تتشوق إلى معرفته ولا غامض مَخوف تخشى من لقائه، تمشي فيه أياماً فكأنك ما مشيت إلاّ ساعة لأنه متشابه المناظر بعيد عن المخاطر. ومرحلة تمشي فيها بين الجبال، تعلو حتى تبلغ الذروة ثم تهبط حتى تصل إلى الحضيض، كلما دار بك الوادي تبدّلَت من حولك المشاهد، فربما رأيت الروضة المونقة والنبع الصافي، جنة ذات خمائل وعيون تجري من تحتها السواقي والأنهار، وربما اعترضتك عقبة أو سلكتَ قَفرة موحشة، ما تحتك إلاّ الجنادل والحجارة وما حولك إلاّ جلاميد الصخر، تشتهي قطعة من ظلّ يقيك لذع الشمس أو كأساً من ماء يطفئ منك أُوار العطش فلا تجد. وربما فُتحَت تحت رجليك حفرة أو طلع عليك وحش مخيف أو ذئب كاسر أو مجرم قاطع طريق.
الأول مثال من يعيش في البلد الآمن في العصر الهادئ،