الطلاّب درجات: فمنهم فئة يُعطَون رواتب، أي أنهم يتعلمون ويكسبون، كطلاب المملكة العربية السعودية؛ يأخذ الواحد منهم ألف ريال في الشهر، وأنا أُحلت على التقاعد بعدما بلغت ذروة سلّم الوظائف وأُعطيت في الشام مثل مرتّب وكيل الوزارة، وما وصلت إلى ما يعدل ألف ريال! ومنهم من يدرس مجّاناً، ومنهم من كان مثلي لا ينال العلم حتى يدفع الثمن «أقساطاً». وهؤلاء منهم من له الأب الغني يعطيه ما يطلب ولا يُشعِره الحاجة إلى شيء، فكان يُفرّغ نفسه لدراسته، ينفق فيها وقته كله ويضع فيها جهده كله، وأنا قد دخلت الجامعة (كما عرفتم) وما لي مال أمدّ يدي إليه ولا أب ولا قريب أعتمد عليه، وكان عليّ فوق أداء «ثمن العلم» أن أعول نفسي وأهلي. فكنت طالباً في الجامعة، ومعلّماً في المدارس الأهلية، ومدرّساً حيناً في الكلية العلمية الوطنية، وأعمل محترفاً في الصحافة، أكتب المقالات وأصحّح «البروفات» وارتّب الأخبار وأعلّق عليها التعليقات، على حين كنت أخطب في الحفلات وفي المظاهرات وأعمل مع لجنة الطلبة في إعداد الإضرابات، وأحضر -مع هذا-