مجالس العلماء وأقعد في حلقات المشايخ، وأشارك في أعمال الجمعيات الإسلامية من غير أن أنتسب رسمياً إليها أو أدخل فيها، وأخطب خطبة الجمعة، وأُلقي دروساً خصوصية.
ومن أصعب ما مرّ بي من تجارِب في مجال الدروس الخصوصية تجرِبة كنت ناسيَها فما حدّثتكم حديثها، هي أنه كان في «بوّابة الصالحية» مؤسسة أهلية لأستاذ لبناني اسمه (كما أذكر) سليمان سعد، تُدعى (كما أظن) الجامعة العربية، سمع بأني أحسن العربية وأحتاج إلى المال، فعرض عليّ أن ألقي عنده درساً خاصاً لطالب واحد بأجر كان يُعتبر كبيراً جداً، فقبلت. وكانت المفاجأة الكبيرة يوم الدرس أن هذا الطالب جاء يحمل معه تاء التأنيث، لم يكن طالباً ولكن طالبة شابة تتفجّر شباباً وتفيض حسناً، تنشر حولها ساحة من الفتنة مثل الساحة المغنطيسية، لم أقدر أن أمكّن نظري منها لأصف وجهها وعينيها، ولكن اللحظة التي لقيت عيناي فيها عينيها كَفَت لتقول لي وأقول لها. ولعلّي بالغت في تصوّري، ولعلّ شبابي وكوني لم أجتمع قبلها بفتاة من غير أهلي وأن في نفسي من العواطف والرغبات ما يكون في نفوس أمثالي من الشبان، لعل هذا هو الذي خَيّل إليّ أني أرى فيها ما رأيت.
والخلاصة أني أُصِبت منها بمثل ما يصيب من يمسّه السلك مشحوناً بتيار الكهرباء. ووقفت ألتقط أنفاسي وأرقب أن أفيق من دهشتي، يتقاذفني ميل نفسي إلى تدريس هذه الفتاة مع حاجتي إلى الأجر الكبير الذي عُرض عليّ، وخوفي من الله الذي أسأله أن يبعدني عن طريق الحرام ومزلاّت الأقدام، وتردّدت هل أقول: