كانت سنة ١٩٣٩ في بغداد سنة نهضة عجيبة؛ روح جديدة صُبّت في قلوب الشباب، إقبال على الجندية وأن ينتظمهم سلك الجيش، حتّى إنني لمّا سألت الطلاّب هذا السؤال الذي لا يملّ المدرّسون من إلقائه على توالي السنين: ماذا تحبّ أن تكون في مقبل أيامك؟ كان جواب الأكثر منهم أنهم يريدون أن يغدوا جنوداً.
وأعانهم على ذلك أن وزارة المعارف بدأت بتحويل المدارس إلى شبه ثكنات والطلاّب إلى جنود، حتّى إنها وضعت نظاماً سمّته نظام «الفتوّة»، ألبسَت فيه الطلاّب لباس الجنود ودرّبتهم على ما يتدرّب عليه الجنود، حتّى يكونوا مستعدّين للنزال إذا أذّن مؤذّن القتال وحانت ساعة النضال.
بدأ ذلك بتدريب مجموعات صغيرة ثم عمّ المدارس كلها، حتّى إذا كان يوم الجمعة السابع والعشرون من الشهر الأول من سنة ١٩٣٩ كان التدريب على الجندية باسم الفتوّة قد عمّ مدارس