كانت جرائد مصر ومجلاّتها من القديم تصل إلينا، ومجلاّتنا وجرائدنا لا يكاد يصل شيء منها إليهم. فكنّا نعرف ما دقّ وما جلّ من أخبارهم ولا يعرفون شيئاً من أخبارنا؛ فلا تقوم في مصر وزارة ولا تسقط، ولا يكون حدث من الأحداث، ولا يظهر زعيم من الزعماء، ولم يكن فيها أديب ولا عالِم إلاّ كان عندنا من أخباره الكثير.
وكنّا نعرف عن الملك فؤاد كلّ شيء، ثم عن ابنه فاروق. كانت تتسرّب إلينا أنباء فسوقه وانحرافه، فلما قام عليه الضبّاط ونحّوه وأبعدوه عن مصر طارت بنا الفرحة وعمّتنا البشرى، وكتبت في «الرسالة»(عدد ٢٠ ذي القعدة سنة ١٣٧١هـ) مقالة أعلّق فيها على هذا الحدث العظيم، وعلى اليقظة التي كانت يومئذ في إيران حين قام الكاشاني والدكتور مصدَّق على الإنكليز، أثبت بعض المقالة هنا لأنها صارت تاريخاً ولأنني أكتب للقُرّاء ذكريات، فمن حقّهم عليّ أن أروي لهم بعض ما قلت كما أحدّثهم عمّا رأيت وسمعت.