إن أحلى الأسفار ما كان بالقطار. ولقد عرفت قطارات العراق من سنة ١٩٣٦ يوم كنت أدرّس فيه، وركبتها من بغداد إلى البصرة ومن بغداد إلى كركوك، فوجدتها أحسن القطارات في البلاد العربية. فلما جئت هذه المرة (سنة ١٩٥٤) رأينا أن نبدأ رحلتنا للتعريف بقضية فلسطين وحثّ الناس على الاهتمام بها جولةً في أرجاء العراق. ذهبنا فيها إلى الموصل في الشمال ثم إلى البصرة في الجنوب.
وكانت سفرة الموصل ممتعة، وكانت نافعة ببركة الشيخ أمجد وصحبة الشيخ الصواف مع ولدَيه: مجاهد ومصلح، وكانا يومئذ صغيرَين. وأخذنا تذكرة للنوم، فلما جاء موعده انقلبَت المقاعد أسِرّة وثيرة نظيفة غاية النظافة مريحة أكمل الراحة، وألقيت رأسي على الوسادة وأنا أؤمّل نومة هنيئة وصحوة نشيطة، ولم أكُن أدري ما هو مخبوء لي.