محاضرة في هذه الكلّية، فلم يُرِد أن يقدّمني إلى السامعين على العادة في مثل هذا الموقف، وأحسست كأنه كره أن يعترف أمامهم بأنه كان تلميذي.
فكان جوابي على ذلك أنني بدأت المحاضرة بحمد الله على أنْ جعل من تلاميذي الذين كانوا يقعدون أمامي مَن صار أستاذاً كبيراً أو عميداً في كلّية أو قاضياً في محكمة، وأن منهم فلاناً. وأشرت إليه ليعلم الناس جميعاً أنه كان من تلاميذي.
ما أردت من ذلك التعالي عليه ولا أردت الفخر بأنني درّسته، وليس ذلك من شِيَمي، ولكني وجدته لا يزال بحاجة إلى درس آخر من الدروس التي كنت ألقيها عليه وعلى إخوانه، فألقيت عليه هذا الدرس في الوفاء وفي كرم الأخلاق.
وكنت في محاضرة ألقيها في بهو أمانة العاصمة في بغداد، فدخل شيخ كبير وقال للناس: لقد تركت فراش المرض وجئت تحيّةً لفلان (يعنيني).
هذا الشيخ هو نابغة الموسيقى العربية الذي اعترف له مؤتمر الموسيقى الأول الذي عُقد في القاهرة سنة ١٩٣٢ (على أغلب الظنّ) بالصدارة فيها، هذا الذي كان أحسن من يقرأ (يغنّي) المقام العراقي، والذي سمعت أنه زاد على المقامات العراقية الموروثة أحد عشر مقاماً جديداً. ذلكم هو الأستاذ القبانجي، رحمة الله عليه.