جاءتني يوماً معاملة لحصر الإرث، من أصحابها شيخ عجوز كبير السنّ محنيّ الظهر، ترتجف يداه من الكبَر يسيل ريقه من فمه من المرض، فرأفت به وقلت لهم: لماذا كلّفتموه المجيء؟ أنا كنت أذهب إليه. قالوا: ما معنا أجرة السيارة ولا بد من الكشف. قلت: سبحان الله، هل سمعتم من أحد أني أكلّف الناس ما لا يطيقون. إنني أذهب إليكم كما أذهب إلى كثير من أمثالكم لا أرزؤكم شيئاً، وأدفع أجرة السيارة من جيبي.
وأقعدتُه وسألته عن اسمه فقال: مسـ ... مسـ ... مسلم. قلت: لا أسألك عن دينك بل عن اسمك. فنطق بحروف مقطعة جاء منها اسم «مسلم وردة». فدُهشت وقلت: مسلم وردة؟! قال: نعم؛ مسـ ... مسـ ... مسلم وردة. قلت: أنت الذي كان ... واستحييت أن أكمل الجملة. قال: نعم، أنا الذي كان. فقلت في نفسي: لا إله إلا الله.
إنكم لم تعرفوا إلى الآن لماذا دهشت ولماذا تشهّدت. أنا أقول لكم، ليعتبر المغترّ بقوّته المعتزّ بسطوته، وليعلم أنه لا يدوم