متخاذلاً متذلّلاً وساق أصحابه الثلاثة البغال ومشى من طريقنا.
ومن أعجب ما لقيت أن عندنا قريتين عُرف أهلهما بالقوة والشدة، قرية رَنْكوس التابعة لدوما وقرية سَرْغايا التي تتبع الزَّبَداني، في الأولى أسرة آل سرسق وفي الثانية أسرة الشمّاط. وليس العجب أن يكون في هذه الأسر رجال أقوياء أو أبطال شجعان، ولكن العجب أنها كانت تأتينا امرأة كاشفة الوجه على عادة تلك القرى، ما أظنها قد جاوزت الخامسة والثلاثين، بارعة الجمال، وهي زعيمة فرقة من هذه الفرق والدعاوى بينها وبين خصومها مستمرّة، وهي تحمل السلاح وتستعمله، فكنا نعجب منها.
فجاءتنا يوماً ابنة أخ لها ما جاوزت العشرين أجمل منها جمالاً وأشجع شجاعة، فذهب معها قاضي الصلح (وكان صديقنا وابن شيخنا الأستاذ المغربي رئيس المجمع العلمي) فلما بلغا الموضع وقع النزاع وبدأ إطلاق الرصاص، فاختبأ هو رحمه الله تحت السيارة وبرزَت هذه البنت التي لم تُكمِل العشرين وسلاحها بيدها تخوض المعركة، تطلب النزال ومواجهة الرجال، وكانت هي الظافرة بهم الغالبة عليهم!
وطرائف أخرى وقعت لنا لا أريد أن أفيض الآن بذكرها، ولعلّ المناسبة تأتي بها يوماً من الأيام.