قرأت في جريدة عكاظ نعي الدكتور شكري فيصل. وشكري ليس من لِداتي ولا هو من أقراني في السنّ، ولكنه رفيق أخي عبد الغني في المدرسة الابتدائية. كانوا ثلاثة يدرسون معاً، كلّهم ذكيّ نبيه وكلّهم من سنّ واحدة، وُلدوا سنة ١٣٣٧هـ أو قريباً منها. وكلّهم كان أبوه أو مَن ربّاه عالِماً يُشار إليه في دمشق ويقصده الطلبة والدارسون، وكلّهم صار أستاذاً كبيراً: أخي عبدالغني، وشكري فيصل، وصلاح الدين المنجّد. اختلف طريقهما وطريق عبد الغني، فاشتغل هو بالرياضيات حتى غدا أقدر وأقدم أستاذ فيها واشتغلا في الأدب حتى صارا من أعلامه. ولكن طبعه لا يشاكل طبعهما؛ عرفا الناس وعرفهما الناس، خرّاجان ولاّجان يدخلان المجتمعات ويخرجان منها، وعبد الغني مثلي مُنْزَوٍ معتزل، بل هو أشدّ مني عزلة وانزواء، فكأنه مصباح قويّ في غرفة مغلَقة، نوره شديد ولكن لا يجاوز جدرانها.