يناوئ الإنكليز ويقاومهم ويناضل لاستقلال البلاد، وإذا الضجّة احتجاج منهم على هذه الوصيّة وطلب وإلحاح على أن أقول عن الإنكليز ما أريد.
وكنت كالقنبلة المعَدّة التي يمسكها عن أن تنفجر مسمار صغير، فسحبوا المسمار وانطلقَت القنبلة. وألقيت خطبة مجلجلة وصفت فيها نكبة فلسطين ومصاب أهلها، وأصبت ووفّق الله، فتكلّمت من قلبي فوقع كلامي في قلوبهم، وأفلتَت الدموع من العيون وعلا صوت البكاء، ونزعَت السيدات -والله- حليّهنّ وقدَّمْنَها، وألقى الرجال بكل ما معهم.
وكان من خطّتنا ألاّ نستلم بأيدينا قرشاً واحداً، فسُلّم ما جمع إلى لجنة انتخبناها فوراً من أهالي البلاد لتُرسِله هي إلى فلسطين.
وأذّن المغرب فقام الحاضرون جميعاً إلى الصلاة، ولقيت رئيس الحزب فإذا هو أمير من الأسرة التي تحكم إحدى السلطنات التي كانت تتقاسم ماليزيا بينها، وهو تنكو عبد الرحمن، وكان شقيق السلطان، ولكنه آثر العمل لمصلحة بلاده وخدمة أمته على أبّهة المُلك وألقاب السراب.
وكان حزب أمانو قد قرّر يوم الحفلة التي خطبتُ فيها مقاطعة الوظائف الحكومية، وكان هذا الأمير رئيس المجلس التشريعي وله راتب ضخم ومنزلة عالية، وكان نائبه الدكتور إسماعيل وزيراً، فاستقالا وتبعهما كلّ الموظفين من حزب أمانو.