كان عندنا يومان كل أسبوع، إذا جاءا جاء معهما الزحام وجاءت الفوضى وأصوات الرجال وخليط من أحاديث النساء (والنساء في العادة يتكلّمن جميعاً معاً وتسمع كل واحدة ما تقول الأخرى) وضجيج الأولاد وصراخ الصغار وبكاء الأطفال! وانقلب صحن المحكمة المفروش بالرخام اللمّاع المزدان بالورد والزهر إلى ما لا يسرّ العين ولا يُرضي النفس؛ ذلك هو يوم عقود الزواج.
نُجري فيه نحواً من ثلاثين عقداً أو أكثر من ذلك أحياناً، ويأتي مع كلّ عقد اثنان: الخاطب والمخطوبة، وأهله وأهلها، وأكثرهم معهم أولادهم، وربما جاء مع المرأة قريبتها أو جارتها ومع الرجل أبوه أو صديقه، ليروا المحكمة ويتخذوا من رؤية صحنها وجمال بنائها فرجة ينفّسون بها عن قلوبهم، وموضوعاً يتحدّثون به إلى أهليهم.
ولم يكن عندنا نظام المأذون الشرعي المعروف في مصر وفي المملكة وغيرهما، وإنما يَعقد العقدَ القاضي أو مَن يأذن له