إننا في بلد حُرّ، كنا نقول ما نريد، كنا نكتب ما نشاء. كنت أكتب والله سنة ١٩٣١ في جريدة «الأيام» إلى المسيو بونسو، المفوَّض السامي الفرنسي الذي كان يملك من السلطان ما لم تملكه حكومتا سوريا ولبنان، كنت أكتب إليه ما لم أعُد أستطيع أيام وحدتكم أن أكتب مثله لمدير ناحية، وهو أصغر موظف إداري في البلاد.
لقد صار الواحد منّا يخشى أن يتكلّم في السوق لئلاّ يكون جاره من رجال المباحث أو رجال المكتب الخاصّ، أو رجال ما لست أدري ماذا ... ويخشى أن يتكلم في المدرسة لئلاّ يكون تلميذه من رجال المباحث أو من رجال المكتب الخاصّ، ويخشى أن يتكلم في البيت لئلاّ يكون أخوه من رجال المباحث أو من رجال المكتب الخاصّ.
لقد كنت أقرأ في مذكّرات أستاذنا كرد علي رحمه الله، أخبار التجسّس والرقابة أيام السلطان عبد الحميد وما كان يُنفِق عليها