وبعد، فما قصّة الانفصال؟ ولماذا كرهنا الوحدة بعدما أحببناها، وأعرضنا عنها وقد رحّبنا بها، وفرحنا لذهابها وقد كنا فرحنا لقدومها؟ هل تغيرَت نفوسنا وتبدّلَت أفكارنا، أم أن الذي رأيناه غير الذي تصوّرناه، والذين ولّيناهم أمرَنا أيام الوحدة هم الذين جعلونا بسوء سياستهم أعداء هذه الوحدة؟
إنّ أصدق كلمة قالها قائل بعد الانفصال هي كلمة صديقنا الأستاذ نصوح بابيل:"إن عبد الناصر لم يفهم طبيعة الشعب السوري". إنه لم يفهم طبيعته، ولو فهمها لعلم أننا لا نؤخَذ بالشدّة ولا نُساق بالعصا، وأننا فتحنا صدورنا كما فتحنا بلدنا للمصريين على أنهم أشقّاء لنا، لا على أنهم مسيطرون علينا يسيرون فينا سيرة المستعمرين لنا.
تقول العرب في أمثالها:«شِدّة القُرب حِجاب». أَدْنِ كفّك من عينيك تحجبْ عنك ما بين المشرق والمغرب؛ أي أن الكفّ -على صغرها- أخفَت عنك الدنيا على سعتها! والذين حفّوا بعبدالناصر منّا وتحلّقوا من حوله حتى حالوا بينه وبيننا هم الذين