وقفت بكم في تبوك أمام محطّة الخطّ الحجازي، هذا الخطّ الذي يصل دمشق بالمدينة المنوّرة، عاصمة الدولة الإسلامية الثانية بعاصمة الدولة الإسلامية الأولى. هذا المولود الذي استمرّ حمله تسع سنين، حتى وُلد سنة ١٩٠٨ فابتهج به العالم الإسلامي وشارك في نفقات ولادته، ولكن لم تكَدْ تنتهي مباهج الفرحة حتى حلّت مواجع الوفاة؛ «المولود» الذي فرحنا به سنة ١٩٠٨ مات سنة ١٩١٨، ما مات على فراشه ولكن قُتل قتلاً، ونحن قتلناه بأيدينا.
لقد خبّر ربنا خبر اليهود الذين {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأيْديهِمْ وَأيْدي المُؤْمنين} فجئنا نحن نخرب بيوتنا بأيدينا وأيدي الكافرين، لماذا؟ لأن إبليس وسوس لنا بأن نطمس آية {إنّما المُؤمنونَ إخوةٌ}(ولا يقدر أحد أن يطمس آية من كتاب ربّ العباد) وأن نضع مكانها (وأستغفر الله ممّا أقول) آية ليست من كتاب الله هي: إنما العرب إخوة، لا أخوّة إلاّ أخوّة العروبة! وسخّر لذلك أقلامَ قوم من أهلنا (وليسوا في الحقيقة من أهلنا