لأنهم «عَمَلٌ غيرُ صالح») فدعوا إلى رباط القومية بدلاً من رباط الإيمان، وأعانهم على ذلك قوم سوء من الترك يبرأ منهم المؤمنون من الأتراك، هم الاتحاديون الذين نسوا أن دولة آل عثمان إنما قامت بالإسلام، والإسلام هو الذي نقل ملوكها من بدو رعاة لا يعرفون إلاّ القتل والقتال شأن الذئاب في الغاب، فجعلهم -لمّا اعتنقوه- سادة القارّات الثلاث وحُكّام الدولة التي كانت ثالثة الدولتين الكبرَيَين: دولة بني أميّة ودولة بني العباس.
وقام ناس منّا، منهم من كان طاهر القلب صافي النية، ما يريد إلاّ دفع أذى هؤلاء «الاتحاديين» حين أرادوا محو ذكر العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، وبُعث النبيّ منهم، وكانت القبلة في أرضهم والحجّ في ديارهم، وأرادوا «تتريك» العناصر غير العثمانية. ومنهم من وجدها فرصة للنيل من الإسلام وشقّ عصا أهله وإحياء الدعوة إلى العصبية المفرّقة فيهم، وأكثرُ هؤلاء من غير المسلمين كزريق وعَفْلق. ومنهم نفر من المسلمين بالاسم ولكنهم كانوا أشدّ من الكفار حماسة في هذه الدعوة الباطلة واندفاعاً في تأييدها كساطع الحصري ... وتحرّك شياطين الإنس الذين كانوا هم واليهود مصدر كل بليّة وكانوا رأس حربة الاستعمار، فبعثوا واحداً من أبالستهم اسمه لورنس ليقود الغافلين المخدوعين، كما يقود الأشرار المعادين، إلى تخريب الخطّ الحجازي. فاشترك في هذا الإثم الفريقان يؤمّهم هذا الشيطان.
وكلما قرأت في مذكراته التي سمّاها «أعمدة الحكمة السبعة»(وقبّحها الله من حكمة، أعمدتها سبعة بعدد أبواب جهنّم)، كلما