انتهت الحلقة السابقة وأنا في فرانكفورت التي لم أكن أعرفها ولا أعرف أحداً فيها. وكانوا يعلّموننا ونحن صغار في المدرسة أن المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، فوجدت هنا أني بنفسي أقلّ من القليل لأنني لا أُحسِن صنعاً ولا أعرف لنفسي وجهة، وأنه لا إخوان لي أتكثّر بهم. فجعلت أتلفّت حولي أفتّش عن مَنْجَى، ولا منجى ولا ملجأ إلاّ إلى الله، وحسب المؤمن الله. أدور كما كان يدور الأحوص في طرق المدينة ليرى أم جعفر:
وما في مطار فرانكفورت جعفر ولا أم جعفر. وكنت أرى مطار بيروت أكبر مطار فوجدتُه هنا غرفة في دار! كلاّ، ما هذا مطاراً ولكنه قرية كبيرة أو بلدة صغيرة، اللوحات التي تُرشِد إلى مخارجه فيها حروف معها أرقام، تدلّ على أنها عشرات وعشرات. جهنّم لها سبعة أبواب وهذه لها سبعون، وأنا فيها ... أرأيتم الصرصور يسقط في القدر الفارغة الملساء الجوانب، يعدو في كل اتجاه يريد أن يصعد وكلما صعد زلّت به القدم فسقط؟