عهد «المدرسة الجقمقية»، مدرسة معلّم الشام الشيخ عيد السفرجلاني، عهد جديد في حياتي. دخلت قبله كتّاباً ومدرستين ومررت بجماعة من المعلّمين والمدرّسين، وقد ترك ذلك في نفسي أثراً بلا شك، ولكني لم أدركه في حينه ولا أذكره الآن، إمّا لصغر سنّي وإما لأني لم أصادف المدرّس الذي أعطاه الله القدرة على فرض نفسه على تلاميذه، وأوّل عهد شعرت بأثره فيّ هو هذا العهد.
وأستطيع حصر عوامل هذا العهد في تكوين فكري وتحديد سلوكي في أربعة: مدير المدرسة وصاحبها الشيخ عيد السفرجلاني، والجامع الأموي وحلقاته، ومدرّسنا الشيخ صالح التونسي، ورجل عالِم كان صديق أبي وأعمامي، كان قويّ الشخصية فقيهاً مالكياً عظيماً قويّ التأثير فيمن حوله، على شذوذ فيه هو إلى شذوذ العباقرة أقرب منه إلى شذوذ أشباه المجانين.
أما الشيخ عيد فقد أوردت طرفاً من أخباره وجانباً من وصفه