للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن لم يَضِح (١) لي الطريق إلا في هذه المدرسة؛ إذ كان بين مدرّسينا شيخ جليل، ولكنه شديد. كنا -مع الأسف- نحترمه ولا نحبه، وكنت أحضر دروسه في الأموي يوم كان في الأموي أكثر من عشرين حلقة دائمة، وكانت حلقته متميزة تجمع العلم والأدب والفقه والشعر، يتكلم بلهجة تونسية يلقي جُمَلاً مسجَّعة كثيرة الترادف مزيَّنة بالشواهد، كأنه يقرؤها من كتاب مطبوع، هو الشيخ صالح التونسي (٢).

لهذا الشيخ ولصديقه الشيخ الكافي (وسأتكلم عنه) أثر بالغ في نفسي، ذلك أنه كان صديق أبي، وكانت له غرفة في المدرسة البادرائية (٣)، فألزمني أبي بأن أحضر عليه في غرفته «دروساً إضافية» فوق دروسه التي ضقت بها في المدرسة، وكنت أتمنى الخلاص منها ولكن أمر الأب لا يُرَد.

ولقد أدركت بعده مبلغ ما استفدت منه، حين حفّظني ألفية ابن مالك والجوهر المكنون في البلاغة، ومتوناً أخرى نُقِشت في خاطري في الصغر وانتفعت بها في الكبر.

* * *


(١) وضح يَضِح مثل وعد يَعِد.
(٢) والد الفريق الطيب والأستاذ عبد الرحمن مدير مدارس الثغر.
(٣) أسّسها في العصر الأيوبي القاضي نجم الدين البادرائي سنة ٦٥٤هـ (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>